دفاع عن القائمين على الصدقات

كم هو جميل أن تطعم فقيرا ..
أو أن تكسو عاريا ..
أو أن تغيث ملهوفا ..
أو أن تحمل حافيا ..

كم هو جميل , أن نبحث بأنفسنا عن تلك الأسر المتعففة التي لا تسأل الناس إلحافا فنمد لهم يد العون والمساعدة ونغنيهم بها عن ذلِّ السؤال ..

كم هو جميل , أن ندرب أنفسنا على ذلك حتى نعيش آلامهم ونخفف معاناتهم ..

كم هو جميل , أن يصنع الواحد منا مع أهله وذويه مؤسسة خيرية مصغرة تتبع أحوال المحتاجين من أقاربه وأرحامه , فكم من الوقت سوف نختصره , وكم من الجهد سوف ندخره , لتلك الجمعيات التي أخذت منها تلك الأسر جُلَّ وقتها واهتماماتها ..

كم هو جميل , أن نحفظ ألسنتنا عن أولئك الرجال الذين يعملون ليل نهار دون كلل ولا ملل للقيام على أرملة أو سد عوز معدمة بل نعوِّد أنفسنا على أن نتثبت في كل ما يقال عنهم أو عن مؤسساتهم وأن نجعل شعارنا ودليلنا في كل منتقصيهم قوله سبحانه وتعالى : ( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) ، وأن لا نقبل شيئا يقال في حقهم إلا بشاهدي عدل من الكتاب والسنة لا من الأساطير والخرافات والمبالغات ..

ثم إن حدث منهم ما يسوء نظراً لطبيعة عملهم وكثرة احتكاكهم بالناس فالقاعدة النبوية تقول : ( إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث ) ، فهؤلاء نهرٌ جار من الخيرات والبركات لسموِّ عملهم وعظم رسالتهم التي يقومون بها وما يحدث منهم من هِنَاتٍ وزلاَّت تغمر في بحور حسناتهم ..

وإذا الحبيب أتى بذنب واحد جاءت محاسنه بألف شفيع
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلا أن تعد معايبه

أجمل من ذلك كله , أن نعلم تلك الأسر الفقيرة كيف تكون أسر منتجة , وأن نُعلِّم ذلك الإنسان الذي تعوَّد الأخذ والطلب , كيف يصنع حرفة بيده تقيه القرّ و تحميه من الفقر .. وما أجمل ذلك المثل الذي يقول : ( لا تعطني سمكة بل علمني كيف أصيدها ) ..