يحرص كثير من الناس على تدوين مذكراتهم و قصصهم و تجاربهم في الحياة، أما قصتي و تجربتي فلها شأن آخر، و هي مع ذلك لا تستمد قيمتها من شخصية منكتبها و بلاغة لسانه و سيولة الحياة..، قصة اللهداية الغاية الأسمى للوجود.
و ليس من حقي فرض وصاية على أفكار الآخرين و اقتناعاتهم، و لا إلزامهم بآرائي و تجاربي الشخصية، لكن من حقي ان أسمعهم رأيي، و من حقهم بعد ذلك أن يصلوا لأي نتيجة.
كنت شأني شأن كثير من الناس أشعر أن غاية الحياة و قيمتها تتمثل في المتعة العاجلة التي يجنيها صاحبها، ومن ثم أصبحت ألهث في سعار وراء تحقيق الرغبات و الملذات و أبذل في سبيل ذلك الغالي و الرخيص.
كانت أمنيتي تقف عند تحصيل رغبات النفس التي كانت اغلى مايتطلع غليه أترابي، و كانوا يبذلون في سبيل تحقيقها المال و الوقت، بل السمعة الحسنة، بل يجرؤ بعضهم إلى أن يدفع ثمن تحقيقها من اعز ماتملك المراة في هذه الدنيا من ةحياتها و عفافها.
لقد كان الحديث في سماعة الهاتف، و المغامرات العاطفية، ورسائل العشق و الغرام المتبادلة، بل و اللقاء مع غير المحارم ، كانت كل تلك الممارسات تعني مكسبا للآتي يظفرن بها، و الوفاء للصديقة كان يعني التعاون معها في تبادل الأرقام اللهاتفية و العلاقات، وربما تزكيتها لدى فلان أو فلان من الشباب، و اقتراحها صديقة جديدة.
كان اللهو يعني لدي شيئا ذا بال و ثمن، لا بل كان أفضل ما أقضي وقتي و أفني فيه ساعات عمري، لقد كانت غرفتي مليئة بأكوام المجلات و الصحف، لارغبة في العلم و الثقافة، لكن جريا وراء ماتدعو إليه و تدفع قراءها دفعا.
كنت أجلس الساعات الطوال أما الشاشة أعيش مع مسلسل أو فيلم تأسرني مشاهده و تشدني مواقفه، أعجب ببطولة ممثل أو شاب وسيم، أو فستان أو كلمة غرام و هوى.
كنت كأولئك الذين ينظرون إلى أحكام الشرع و تكاليفه على أنها قيود تكبلهم و تحد ةمن حرياتهم و تحول بينهم و بين تحقيق مايريدون، و من ثم كانوا يحتالون عليها، ويقفزون على أسوارها،بل احيانا يتجرؤون على مخالفتها صراحة،بل إعلان التبرم منها و التضايق .
إن تلك الصور التحايل على الحجاب الشرعي الذي تسلكه بعض النساء اليوم لا يمثل إلا مظهرا واحدا من مظاهر هذه النظرة و هذا الشعور تجاه الأحكام الشرعية وواجباتها.
وحين أرى المتدينين و المتدينات يفتر ثغري عن ابتسامة ساخرة، أقول بلساني مقالي – مساكين هؤلاء كيف ينظرون هذه النظرةالسوداء إلى الحياة ؟ كيف يعيشون هذا العقد و يلازمون هذه الاوهام ؟ فالجمال و المتعة و الأنس كلمات لا وجود لها في قاموس حياتهم، بل لعلهم لا يدركون لها معنى.
و أتساءل في نفسي سؤالا آخر، كيف يطيق هؤلاء العيش و الصبر على هذه الحياة و كأنهم يدفعون إليها دفعا؟ بل كان يدور في خاطري أحيانا حين لا أجد إجابة على هذا اللغز المحير أن هؤلاء يعانون من عقد نفسية و أن لهم شأنا غير شأن سائر بني الانسان.
أما الذين يجدون مكانا رحبا في قلبي فهم أوئلك النجوم، نجوم الفن، و الرياضة و التمثبل، و لم يكن يرد في ذهن صاحباتي التفريق بين هؤلاء على أساس عرق أو جنس او فضيلةأو أي أمر آخر، كانت النجومية المعيار الاول و الأخير في الإعجاب بهؤلاء و أولئك .
هكذاكانت حياتي و هكذا كانت سيرتي حتي من الله علي بفضله و كرمه فبدا لي مشعل اللهداية و أضاء امامي نورها فسلكت سبيلها و طريقها وودعت طريق العبث و اللهو الفارغ.