كلنا يعلم ما صاحب قضية توسعة المسعى من جدل و خلاف فقهي , بل وما كان من لغط و مزايدات .
و بعيداً عن الجدل الفقهي المتعلق بهذه القضية , فإن من الواضح أنها قد أعطت لنا تصوراً واضحاً عن حجم و خطر من يفرحون بأي خلاف ( و لو كان سائغا ) بين علماء هذه البلاد و حكامها.
و قد بدا ذلك واضحا من خلال حملات التحريض و الاستعداء ضد من أفتى بعدم مشروعية التوسعة , وهم أغلبية هيئة كبار العلماء , بل قد وصل الحال ببعض دعاة احترام الرأي الآخر إلى اتهامهم ( و في صحف سعودية ) بالغلو و الانشقاق و الإلحاد في الحرم ! (1)
بيد أن الأخطر من ذلك هو محاولة سحب البساط من تحت أقدام أعلى مرجعية دينية في البلاد , والتي يتعدى تأثيرها إلى كثير من المسلمين في بلدان العالم , و ذلك لحساب مذاهب و فرق مخالفة للإسلام.
وفي المقابل فقد وُجد من استغل هذه القضية في التصعيد ضد ولي الأمر , بزعم تجاهله للعلماء , متمثلين قول الشاعر:
ويُقضى الأمرُ حين تغيبُ تيم ،،،، ولا يُستشهدون وهم حضور
و ذلك بالرغم من اعتراف هؤلاء العلماء بأن للحاكم الحق في اختيار القول الذي يرى فيه تحقيق المصلحة و لو كان مخالف لقول الأكثرية , بل ذكر بعضهم بان هذه الحادثة لم تكن الأولى التي يختار فيها الحاكم قول الأقلية .(2)
إن من المعلوم مدى قوة العلاقة بين العلماء و الحكام في المملكة , وذلك منذ عهد الإمامين محمد بن سعود و محمد بن عبد الوهاب و حتى عصرنا الحاضر , و قد بات من المعلوم أيضاً وجود من يتربص بهذه العلاقة ويريد لها التضعضع و الانحسار .
و قد أعجبني في هذا الصدد حديث للأمير خالد بن طلال في مداخلة له عبر إحدى الفضائيات , حيث أكد على ضرورة قطع الجانبين الطريق على كل من يريد أن يوقع بينهما القطيعة أو ما سماه ب ( الجفوة ) .
و خلاصة القول : فإن البعض قد أخرج قضية توسعة المسعى عن كونها خلافا فقهيا إلى محاولة بائسة لضرب العلماء بالسلطة , مما يوجب على الجميع التنبه و الحذر .
-------------------------------------
الهوامش :
1. انظر مثلا مقال بعنوان : توسعة المسعى ..رؤية الملك شرعية ورؤية الغلاة انشقاقية
2