إلى تلك الصغيرة التي كبرت أرسل تحيتي
اشتقت إليها مع أني كنت هي منذ أيام
افتقد براءتها و ضحكتها
افتقد دبها الصغير
ذلك الذي ما كانت تنام إلا و هو قرب قلبها الصغير
ذلك الذي كان يعرف أسرارها و سر دموعها
إلى تلك الصغيرة بألم أقول
قد كبرتِ
كبرتِ و بت وحيدة
في عالم لا يرحم
انظري إلى نفسك لتري كيف غيرك مثل هذا العالم
انظري إلى روحك كيف تلوثت بالغبار
انظري إلى وجهك و ابحثي عن البراءة أين اختفت
أجل قد كبرتِ
كبرتِ و أصبحتِ أنا
أنا التي كسرت أحلامك الوردية في الحياة
غيرت كل أفكارك و عواطفك
حتى ذلك الدب الذي كان صديقك الحقيقي قد رميته مع القمامة
لا تسأليني لم فعلت هذا
فهذا ما يفعله الكبار بدنياهم
يرتكبون الحماقات ثم يستمرون في درب الحماقات
و أنا الآن واحدةٌ منهم
و لهذا أحيا مثلهم في هذا العالم القاتم
أفتخر بهويةٍ مزيفة
و هويتي الحقيقية أضعتها عندما جعلتك تهجرين مكانك في روحي
يا طفلتي الصغيرة
أرجوك سامحيني
ما عرفت خطأي إلا الآن
قد قتلتك بيديّ هاتين
قتلت أجمل حياة عشته
و أروع مشاعر عرفتها
فتباً لي لمَ رضيت أن أصير كبيرة
سامحيني يا صغيرة
سامحيني لأن لعبة القدر قاسية لذا قد أخرجتك منها
فأنت لست أهلاً لمثل هذه اللعبة البغيضة
لعبة الحياة أقسى من أن تتحملها براءة قلبك الطاهر
لعبة الحياة لعبةٌ قذرة ... لعبةٌ كانت ستحرق روحك الرقيقة
لعبةٌ سألعبها مضطرةً لأني صرت كبيرة
سامحيني لأن غرامي بالحياة مات
سامحيني لأني جعلتك تفقدين الحبّ مراراً
سامحيني لأني فطرت قلبك تباعاً باسم العيش
سامحيني لأني جعلتك تعيشين مع جبابرة قساة القلوب
سامحيني لأن دموع الليل حرقت وجنتيك الورديتين
سامحيني لأنك لم تنامي يوماً بابتسامة بل بات البكاء رفيق سريرك الدائم
سامحيني إن جعلت الكون مظلماً في عينيك البرّاقتين
سامحيني على هذه الآلام التي عكرت نقاء صفائك
تباًُ لاستمرار العيش إن كان يعني الغوص في كل هذا الشقاء و الألم
تباً لمثل هذه الحياة .. كيف لنا أن نعيش راضين بما فيها
و نحن غارقون في بحر كآبة و ألم لا يهدأ أبداً
يا روحي الصغيرة ... هلا غفرت لي و عدت إلى ثنايا هذه الروح المحطمة
أعرف أن الغفران للرب ... و السماح للإنسان
لكني أتوسل إليك اغفري لي كل ما أذنبت بحق نقاءك
لم أدرك أن كل ما فعلته تجاهك كان تدنيساً لروحي و لطفولتي و لإنسانيتي
كنت أنا .. و الآن ما عدت أعرف من أنا
ليت نقاءك يعود لروحي الملوثة بخطايا الحياة
ليت حبك يعمُّ عالمي المحروم من لمسة حنان
ليت سعادتك تغمر كياني المألوم من كثرة الجراح
حبيبتي الصغيرة ... في اشتياقي إليك اليوم أتمنى الصراخ عالياً
ليصل صوتي أعمق الوديان البشرية
تلك الأودية التي سكنها الآلاف من الكبار الصغار أمثالي
تلك الأودية التي يقبع فيها هؤلاء بحجة الحياة
علّ ندائي ينقذ أرواح غيرك من الأطفال المختبئين وراء ستار الكبار
عليّ أجنبهم عذاباتك و أنقذهم من ميتةً قاسيةٍ كتلك التي اختبرتها معي
ويلي أي حياةٍ هذه التي أحياها وحيدةً
ويلي لمَ فعلتً بك ما فعلت
كنت أصدق من عرفت ... و أرقّ من عاشرت
و مع هذا أقصيتك عني بل و ألغيت وجودك في مرحلة ما من حياتي
كيف نسيت وجودك بداخلي
لمَ فعلتُ بك ما فعلت
أعرف أن الرجوع إلى الوراء مستحيل
لكني أشتاق لطريقتك في العيش
أشتاق لابتسامتك في وجه الحياة
أشتاق لكل ما فيكي
أشتاق أن يعود بداخلي شيءٌ منك
لست أدري إن كان هذا ممكناً حتى
في غمار ألمي و ندمي سأطلب منك السماح مراراً
و لن أتوقف ... فذنبي تجاهك لا يغتفر
سامحيني يا أحلى صغيرة