- ذهب بنو إسرائيل لنبيهم يوما.. سألوه: ألسنا مظلومين؟
قال: بلى..
قالوا: ألسنا مشردين؟
قال: بلى..
قالوا: ابعث لنا ملكا يجمعنا تحت رايته كي نقاتل في سبيل الله ونستعيد أرضنا ومجدنا.
قال نبيهم وكان أعلم بهم: هل أنتم واثقون من القتال لو كتب عليكم القتال؟
قالوا: ولماذا لا نقاتل في سبيل الله، وقد طردنا من ديارنا، وتشرد أبناؤنا، وساء حالنا؟
قال نبيهم: إن الله اختار لكم طالوت ملكا عليكم.
قالوا: كيف يكون ملكا علينا وهو ليس من أبناء الأسرة التي يخرج منها الملوك -أبناء يهوذا- كما أنه ليس غنيا وفينا من هو أغنى منه؟
قال نبيهم: إن الله اختاره، وفضله عليكم بعلمه وقوة جسمه.
قالوا: ما هي آية ملكه؟
قال لهم نبيهم: يسرجع لكم التابوت تجمله الملائكة.
ووقعتهذه المعجزة.. وعادت إليهم التوراة يوما.. ثم تجهز جيش طالوت، وسار الجيشطويلا حتى أحس الجنود بالعطش.. قال الملك طالوت لجنوده: سنصادف نهرا فيالطريق، فمن شرب منه فليخرج من الجيش، ومن لم يذقه وإنما بل ريقه فقطفليبق معي في الجيش..
وجاء النهر فشرب معظم الجنود، وخرجوا من الجيش،وكان طالوت قد أعد هذا الامتحان ليعرف من يطيعه من الجنود ومن يعصاه،وليعرف أيهم قوي الإرادة ويتحمل العطش، وأيهم ضعيف الإرادة ويستسلم بسرعة.لم يبق إلا ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلا، لكن جميعهم من الشجعان.
كان عددأفراد جيش طالوت قليلا، وكان جيش العدو كبيرا وقويا.. فشعر بعض -هؤلاءالصفوة- أنهم أضعف من جالوت وجيشه وقالوا: كيف نهزم هذا الجيشالجبار..؟!
قال المؤمنون من جيش طالوت: النصر ليس بالعدةوالعتاد، إنما النصر من عند الله.. (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْفِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ).. فثبّتوهم.
وبرز جالوت في دروعهالحديدية وسلاحه، وهو يطلب أحدا يبارزه.. وخاف منه جنود طالوت جميعا..وهنا برز من جيش طالوت راعي غنم صغير هو داود.. كان داود مؤمنا بالله،وكان يعلم أن الإيمان بالله هو القوة الحقيقية في هذا الكون، وأن العبرةليست بكثرة السلاح، ولا ضخامة الجسم ومظهر الباطل.
وكان الملك، قد قال:من يقتل جالوت يصير قائدا على الجيش ويتزوج ابنتي.. ولم يكن داود يهتمكثيرا لهذا الإغراء.. كان يريد أن يقتل جالوت لأن جالوت رجل جبار وظالمولا يؤمن بالله.. وسمح الملك لداود أن يبارز جالوت..
وتقدم داود بعصاهوخمسة أحجار ومقلاعه (وهو نبلة يستخدمها الرعاة).. تقدم جالوت المدججبالسلاح والدروع.. وسخر جالوت من داود وأهانه وضحك منه، ووضع داود حجراقويا في مقلاعه وطوح به في اللهواء وأطلق الحجر. فأصاب جالوت فقتله. وبدأتالمعركة وانتصر جيش طالوت على جيش جالوت.
بعد فترة أصبح داود -عليهالسلم- ملكا لبني إسرائيل، فجمع الله على يديه النبوة والملك مرة أخرى.وتأتي بعض الروايات لتخبرنا بأن طالوت بعد أن اشتهر نجم داوود أكلت الغيرةقلبه، وحاول قتله، وتستمر الروايات في نسج مثل هذه الأمور. لكننا لا نودالخوض فيها فليس لدينا دليل قوي عليها.