بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل في كتابه العزيز :
[ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ] {آل عمران:139}
الحمد لله الذي كتب لعباده وأوليائه النصر والتمكين :
[ كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ] {المجادلة:21}
ليس ما حدث كان فلماً من أفلام هوليوود .. وليس ما أرويه قصة من القصص أو حرباً منسوجة من الخيال ..
ما كان .. كان واقعاً ملموساً بكل جروحه وآلامه وعزته وخذلانه .. وقوته وضعفه ..
كانت تلك الأحداث متوقعة .. غير أن خيال أي كتاب أو مؤلف لم يكن ليصل إلى ذاك التخيل ..
حصار مضى عليه سنوات .. لبقعة لا تبدوا على خارطة العالم ..
تقع بين أحضان الوطن العربي المتخاذل .. الذي لم يجد فيه القوة ولا النخوة الكافية ليكسر قيد ذاك الحصار ..
كيف له أن يكون مشاركاً في حصار قطاع غزة ؟؟
ألا يكفي ثلاثة ملايين فقط من بين مليااار ونصف المليار مسلم .. ليذب عن عرضه أخيه .. فيسد حاجته من الطعام والشراب والدواء والحاجات الاساسية فقـــط !!
أم أن الذل والهوان استشرى في القلوب .. وتجذر في النفوس .. حتى لم يعد هم أحدهم إلا بطنه وفرجه .. ولا يهمه غيره من بعد ذلك أبات جوعاناً أم مريضاً لا يجد الدواء أو ... أو ... أو ... ؟!
على أية حال ..
قد أسمعت إذ ناديت حياً .. ولكن لا حياة لمن تنادي
اليوم .. السبت
الموافق 27 - 12 - 2008 م
كانت غزة على موعد مع عـــزة جديدة .. تزيدها جرحاً وألماً وقــوة وثبـــات ..
كانت الساعة تمام الحادية عشر والنصف ظهراً .. قد خرجن الطالبات من المدرسة القريبة مني .. بعد أن أنهين أول امتحان من امتحانات نهاية الفصل الدراسي ..
وكنت أحادث أختي على البريد .. حتى هز البيت صوت كنت قد ألفته منذ زمنٍ .. غير أن هذه المرة كانت الهزات مختلفة ..
غارة تتلوها أخرى تتلوها أخرى ..
فأدركت أن الأمر ليس بالهزل .. وأغلقت جرياً .. وحمدت ربي أني لم أكن وحدي في البيت كما كنت قبلها بساعة فقط ..
استمرت الغارات بسرعة كبيرة وبصورة متتالية .. وبصوت يكاد يصم الآذان ويخلع القلوب لولا رحمة الله بنا ..
فلملمت نفسي ولبست حجابي ونقابي وأسرعت لسماع الأخبار ..
غير أن توالي الغارات بصورة مرعبة ومفـاجأة .. لمدة قاربت الســاعة .. وفي وقت أحرج ما يكون بسبب خروج الطلاب من المدارس .. وكل في عمله وشؤون حياته .. جعل الأمر أصعب وأخوف ما يكون ..
بدأت الأمور تتبين وتتكشف ..
فكــان اليـوم .. هو يوم اصفطــاء واختيـار من الله [.. وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ ..] {آل عمران:140}
يــوم ذل وانكسار يسطر بدماء الشهداء في تاريخ الأمة الإسلامية .. إن لم تنتفض كالأســـد الجســـور ..
يـــوم من أيـــام الله .. ارتقت فيه أرواح ما قارب المئتي شهيــد .. والرسول الله صلى عليه وسلم يقووول :
" لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم " .
يــوم صبغ بلون دماء رجال ملتحين مجاهدين في سبيل الله .. ونساء وأطفال من ضعاف القوم ..
يـــــوم .. نحاجج بـــه أمة الإسلام جمعــــاء .. أمام الله عز وجل
نحاجج كل متهاون متخاذل .. تذكر نفسه فأشبع شهواته وكان يداً علينا مع أعداء الله ..
نحاجج به من رضي وسكت واكتفى بترديد " حسبي الله ونعم الوكيل " .. وعاد إلى معاصيه ..
اليـــــــوم .. يوم اهتزت فيه الأرض في غزة لأرواح ارتقت في سبيل الله .. وأجساد مزقتها الصواريخ .. وبقيت لتعاني آلام الجروح .. فمنهم من فقد أطرافه ومنهم من أصيب بعاهة مستديمة .. ومنهم ومنهم ومنهم ... يزيد من قسوتها قسوة الحصار .. من شح الدواء والعلاج والمستشفيات .. وانقطـــاع مستمر للكهرباء .
وحياة أصبحت حجة على كل من بلغه خبرها ..
هي بداية لأيام عــــــز وانتصـــار
هي بدايـــــة لعهد جديد .. لنور يشرق بضياء العقيدة على أمة التوحيد
يسطر بدماء ذكية مسلمة .. موحدة بالمنتقم الجبار
هي بــدايـــــة ..
ومن هنـــا فليبدأ التاريخ بكتابة أسطورة الجهاد في سبيل الله .
من تخاذل فإنما يخذل نفسه .. ومن انتفض فقد انتفض لينفع نفسه يوم لا ينفع مال ولا بنون .
ستكتب العزة بك أو بدونك ... فماذا تراك فاعل ؟؟!
سيجيء يوم حـافل بجهـادنا ... الخـيـــل تصـهـل والصوارم تلمع
قد طــال ليل الكفر لكني أرى ... من خلفه شمس العقيدة تسطــع__________________