أحلام وكوابيس تجتاح عالمي الذي لا عزاء له ..
ذلك العالم المجهول بأسراره الذي لا يستطيع الإنسان العادي مجاراة أحداثة إلا بفرشاة مرهفة الإحساس
والهروب من هاجس الضياع
كوميض يجرح الأفق بلحظته ليغيب مطمئنآ لأنه وجد أفقآ يلحده
من بحر الضياع ..
أكتب كتابي بعدما طال عزائي
بزمام قلمي الناطق عني في بحر الأهوال والأحلام ..
وامزجه بدموع حائرة وبحروف قديمة استشعرت بمحياها ..
فجلست واجمآ وأنفاسي تكاد تنقطع في تمايلها ..
وكأنها تناشدني الكتابة في أوصالها ..
كعادتي .. أخرج يوميآ من الصباح الباكر للعمل
وأعود مع المساء كشمس مرهقة عليها أن تنجز دورتها اليومية
مهما حدث وتئوب مع المساء في إغفاءه قصيرة
وتعاود حركتها في صيرورة متفانية ..
وذات ليلة بين صمت واندهاش بين زفير حرف اغتال حلمي وملاذي الذي عشقته في لحظة ألم ..
شعرت برعشة تعتري جسدي
وبشي يجتث أعماقي
ويحاول حبسي في زوايا غامضة رهيبة تقشعر بها الأبدان
حين سقطت فكرة غامضة ضاربة في قاع جمجمتي
وقبل أن تنضج الفكرة التي حلت برأسي كنت قد عبرت منحنيات حروفي كسيرة الحال ..
كنت حينها أتأمل النجوم وهي تسبح بفضتها على أعين الناس ..
كان الليل مستبشرآ ببدرة الذي اكتمل وتدلى كقنديل متوهج قلل وطأة العتمة الرابضة بين الأزقة
ومحا وحشة المنحنيات الضيقة لغرفتي ..
خطى تسبقني إلى المجهول ..
عبرات تخنقني وأهات مكبوتة تجرحني
رعب هز كل جوارحي ..
فهببت في نفسي ودخلت غرفتي مسرعآ
هاربآ من عالم الأسر والحيرة وضياع الفرصة الأخيرة ..
إلى عالم الخير والإيمان ..
كانت أمنيتي الوحيدة كسر حاجز اليأس
والبحث عن الأمل عن المستقبل ولو بطرفة عين ..
نظرت إلى نافذتي .. حدقت في قلب الليل .. سرت في أعماق الظلمة بحثآ عن المصير ربما عن المستحيل ..
تأملت النجوم وهي تسبح بعالمها الوضاء .. لملمت على كتبي ونثرت حبري في دفتر ملاحظاتي علني أنسى وأريح قلبي من يأسه ..
تصفحت بقايا ألمي الذي لا حول له ولا قوة على مجاراة أحداث يومياته فوجدتها حزينة وحيدة تكسر الخاطر ملتهبة
تخنقها الأيام بحلول الظلام
ودموعي تحرقني من غطرسة الأيام ..
بحر الضياع ..
كلمات من حروف مبعثرة ..
وإحساس غريب مجهول يسرق في صرف ضوءه
تلك النجوم التي تسبح بفضتها فتبدو الأشياء واضحة ظاهرة
ولكن في جعبتها ألام جمة تحكي أسطورة إنسان مليئ بالآلام ..
حروف تناثرتها الألسن من القيل والقال بداية
وكلمات مزجتها من معجم الحياة برحيق الوجدان رواية ..
أنثرها على ما تبقى من حياة إنسان يصارع الضياع في بحر الضياع .. وأبروزها بلوحة فنان يمزج ألوانه بريشة الأحزانوبحروفي التي أمزجها بلون الأنين لتكتم إحساسها الأخير
وسط خلجات سطور مبعثرة وحروف متوهجة للحياة ..
ولكن ما عساي أكتب .............؟؟
أأكتب الآهات وأحفرها على رمل الوفاء والصدق
أم أرسم قوارب ذكريات قديمة وتبادل همسات عشاق أضناهم البعد ..
وبسمات مفتعلة تبني على علاقات غامضة وكأنها دراما حقيقية ..
ولكن إلى متى سأظل أنزف وأنزف .. إلى متى وشمسي محجوبة
وعن رؤى الناس محرومة ..
إلى متى وحروفي معزولة وجمهرة ضبابي تنهشني بالحيرة .....!!!
أسأله تنهار كالسياط فوق جبيني
وكأنها لدغة الحكاية ........!!!!!
سأنزف للبحث عن المستحيل عن الأمل ..
سأنزف ما دام هناك بصيص من الأمل .. سأنزف لأروي عطشي وأفرغ ما في جعبتي من حرف عانقت لأجله الثريا لبوحه ..
سأنزف بهذه الحروف المتواضعة التي تنفض أرديتها البيضاء
وتتشعب خطواتها في سباق محموم
وتندس هنا وهناك وكأنها تلعب لعبة الاختباء مع كاتبها
ليعود الصمت فتيآ متأهبآ لاستقبال إحساس غريب
إحساس تعجز حروف الشعر عن ترجمة مشاعره ..
إحساس يسكن أعماقي الباكية إلى روائح الخير والإيمان
والثقة بالله تعالى ..
والحقيقة أني سأبقى في هذه الحياة وحيدآ
كآنية أفرغ ماءها تستقبل الغبار والهواء العابر من بحر الضياع
ما لم أجد من يغير قاموس حياتي لمجراه الصحيح .
من تأليف :كمال شكرا