الإدمــــــــــــــــــــــــان افة العصر موضوع شامل للنقـــــــــــاش

ورحمة الله

االادمان مصطلح يستعمله الاخصائيون لوصف عدة حالات مرضية تتسم بالقهرية والتبعية الفائقة واللا ارادية احيانا لشيء ما وعادة ما يكون استعمال هذا الشيء مفرطا ومتواصلا وغير متحكم فيه وفي الميدان الطبي يعرف بأنه تبعية البدن لمادة معينة تصبح مع مرور الوقت أمرا لازما وضروريـــا حتى يمارس نشاطه الطبيعي مثل الادمان على الكحول والمخدرات , كما يطلقه علماء النفس على السلوك القهري واللا ارادي الذي يفقد الانسان القدرة على التحكم في تصرفاته وافعاله فيصبح بالتالي خاضعا خضوعا شبه تام لمصدر الادمان , ويشعر المدمن بالانتشاء والراحة والسعادة بممارسة ادمانه لكن سرعان ما يتحول هذا الشعور الايجابي الى تعاسة واحساس مغرق في الكآبة والغضب وعدم الارتياح مشربا بهيجان وتوتر كبير للاعصابـــــــ والحواس في صورة فقدان "المدمن عليه " او عدم القدرة على ممارسته وعادة ما تكون الاعراض الجسدية والنفسية متلازمتين وواضحـة للعيــان.
ويشعر المدمن بمدى عمق الازمة التي يتخبط فيها خصوصا اذا كان ادمانه على شيء سيء فيحس بالندم والذنب والحسرة وتانيب الذات بعد ممارسة العادة التي يقوم بها مما يضاعف من آلامه النفسية فمن جهة هو غير قادر على التخلص من تلك التبعية القسرية ومن جهة اخرى يحس بضعفه وندمه على ما قام به لكن في حالات عدة ومع طول فترة الادمان تموت تلك الاحاسيس شيئا فشيئا ويصبح ادمانه ساريا معه سريان الدم ولا يجد أي حرج في ذلك بل قد يجد أخطر الذرائع لتبرير ما يقوم به من تصرفات حتى وان كانت منافية للاعراف والاخلاق والسلوك السوي وهذا وان كان يجعله في تواءم تام بين الرغبة والفعل ويحرره نفسيا من مشاعره ورغباته المكبوتة لكـــن يجعله في المقابل انسانا غير سوي وشاذ وقادر على اقتراف ابشع الجرائم والخطايا دون ادنى شعور بالانسانية وتقريع الضمير ..
وما يجب ان ننوه له هو ان اي افراط في استعمال او ممارسة عادة ما لمدة طويلة ومتواترة هو نوع ما من الادمان حتى وان كانت هذه العادة ظاهريا غير سيئة فمشاهدة التلفاز طوال الوقت او استعمال جهاز الكمبيوتر او الاستماع للاغاني ومشاهدة الافلام بطريقة مكثفة ولمدة طويلة يؤدي مع مرور الوقت وتدريجيا الى الادمان ويلحق كثيرا من الاضرار الجسدية والنفسية لكن سأركز في مقالتي هذه على العادات التي تلحق أشد الاضرار بالانسان والتي يصعب التخلص منها .

أسباب الادمان وأعراضهـ

الإدمــــــــــــــــــــــــان افة العصر موضوع شامل للنقـــــــــــاش Feel-good-now-and-later-en

الإدمــــــــــــــــــــــــان افة العصر موضوع شامل للنقـــــــــــاش Feel-good-now-and-later-en

أكد الباحثون النفسانيون وعلى رأسهم سيغمون فرويد على وجود مبدأين متأصلين لدى الانسان ; مبدأ اللذة ومبدأ الواقع . فمبدأ اللذة يتحكم فينا لما نختار أسهل الطرق والحلول لنحقق متعة عرضية لكن سرعان ما نشعر بعدم الارتياح لما نحقق تلك الرغبة فمثلا لما تشتري علبة شوكولا من النوع الرفيع وتلتهمها بمتعة كبيرة تشعر بعد ذلك بنوع من الندم والحزن لأنها ستزيد من وزنك أو لما تمارس العادة السرية بشهوة كبيرة ثم تحس بالضعف والوهن الجسدي والنفسي وتندم على صنيعك , الى غير ذلك من الأمثلة وفي المقابل مبدأ الواقع يتضمن اختيارك أصعب الحلول والخيارات متجشما العناء والجهد لتضمن فيما بعد الثواب والمكافأة اللتين ستنالهما من جراء ذلكــ مثل اختيارك ان تنقص من وزنك او ان تكون شخصا مثقفا او عالما ..
فحياتنا طبقا لما قاله الفيلسوف الفرنسي سارتر تتحدد وتتشكل وفقا لخياراتنا وأغلب الخيارات التي يتبعها الناس هي تلك التي تتسم بالسهولة واليسر فيخضعون لشهوات عارضة دون اي مقاومة او تدبر في عواقب ذلك رغم أن الخيار الصعب يحقق لك توازنا نفسيا اكبر واعمق ويعزز من ثقتك بنفسك ومن قدراتكــ
يؤكد الأخصائيون على وجود مراكز في الخلايا الدماغية يسموها " مراكز المكافأة " وتنشط هذه المراكز عندما يحس الانسان بالارتياح مثلا او لما يسيطر على جسده او يتصرف بعقلانية او يشعر بالحب او لما يمارس الرياضة الخ وهذا التنشيط يحدث بصفة تلقائية وطبيعية لكن يحدث ان يتم تنشيطها بطرق اصطناعية وغير طبيعية مطلقا فالمخدرات او الخمرة تثير كذلك هذه المراكز كيميائيا مما يقود فيما بعد الى حالة من الادمان التدريجي والقوي فهذا التنشيط الاصطناعي يعوق وقتيا الاحاسيس السيئة مما يدفع بالممارس لذلك الادمان الى اللجوء اليها دائما مثل حالة اولئك الذين يعانون من الشراهة والنهم الشديد او مدمني الخمر والمخدرات بكافة أنواعها , فتلك السعادة والانتشاء اللتين يشعر بهما المدمن ليستا سوى سعادة ومتعة وهمية وغير حقيقية لا تتأتى بأفعال حسنة يقوم بها ذلك الشخص انما هي مجرد تخيلات وهلوسات كيميائية سرعان ما تزول على عكس الانسان السوي الذي يحقق تلك السعادة عبر انجازاته الذاتية فتكون طبيعية ودائمة .

والادمان ليس صورة اكلينيكية واضحة مثل الكسر او الفايروس او الورم البسيط فليس من الصحة بمكان القول بأن هناك نوعا من الشخوص او نوعا من الظروف تؤدي قطعيا للادمان لكن بامكاننا ان نقول بأن خطر الوقوع في هوة الادمان يكون أكبر في ظل ظروف ووضعيات اجتماعية ونفسية معينة اذ ان الوسط العائلي والبيئة التي ينشأ فيها الانسان لها أثر واضح فالأسرة والمدرسة والأجوار والأصدقاء والعمل يؤثرون على عقلية وشخصية الفرد وقد يمهدون الطريق نحو عالم الادمان وفي حالات عديدة أثبتت التجارب ان للوراثة دخل مباشر او غير مباشر على تهيئة الأرضية لنوع ما من الادمان فالابن الذي يولد لأبوين كحوليين معرض أكثر من غيره لتعاطي الكحول وادمانه .

وفي المحصلة , يفتقد المدمن , في الاغلب , الى الثقة في النفس وحسن تقييم القدرات الذاتية بطريقة ايجابية بالاضافة الى الافتقار لتلك القدرة على تشخيص الانفعالات والتفاعل معها وذلك الخلل النفسي يولد النقد الدائم وجلد الذات واستصغارها والانتقاص من شأنها نتيجة عدم الاستطاعة على التحكم في الانفعالات والرغبات وأحيانا يؤدي ذلك الشعور الى رد فعل عكسي كحالة بعض الفتيات غير الراضيات على أشكالهن وأجسادهن فيلجأن الى الحمية المبالغ فيها الي ينجر عنها الرفض شبه التام للطعام وتسمى هذه الحالة Anorexia nervosa .
وبعض المدمنين يعانون كذلك من حالة صدمة مزمنة chronic trauma وتعود جذورها الى فترة الطفولة حيث تكون للمشاكل الاسرية والانفصال عن الابوين او تغير المحيط والانتقال من مرحلة الى مرحلة ( كالانتقال من الحضانة للمدرسة ) او التجارب الشخصية المريرة كالتعرض للعنف الجسدي والتحرش الجنسي وسوء المعاملة أثرا كبيرا يطبع تلك الشخصية ويؤثر على ممارساتها وتعاملها مع العالم الخارجي وتعود هذه الصدمات النفسية في شكل ومضات رجعية تنتاب الشخص فيلجأ للهروب منها وكثيرا ما يكون هذا الهروب الى عالم آخر مخيف ألا وهو عالم الادمان !

الادمان على المشروبات الكحولية والمخدرات

الإدمــــــــــــــــــــــــان افة العصر موضوع شامل للنقـــــــــــاش Alcoholaddiction1

الإدمــــــــــــــــــــــــان افة العصر موضوع شامل للنقـــــــــــاش Alcoholaddiction1

يعرف الكحول على أنه نوع من المخدرات المثيرة والمحفزة قصيرة المدى فهي تجعل المتعاطي لها يبدو واثقا من نفسه ظاهريا وأكثر جاذبية من العادة لكن مع الوقت تصبح نوعا من مثيرات الكآبة depressants فبعد ساعات طوال من تناول الكحول يشعر بالتعب والاعياء الشديدين وبالرغبة في التكاسل والخمول كما تؤثر على طريقة النوم وتجعله متقلبا ومع الادمان يؤدي تعاطي الكحول الى الكآبة المزمنة والدائمة وتفقده التواصل الجيد مع الناس او مع شريك الحياة وتؤدي الى مشاكل عديدة اسرية ودراسية او عملية ( في الشغل ) بل وفي بعض الحالات يؤدي هذا الادمان الى أمراض عصابية خطيرة كالانفصام وازدواج الشخصية والفوبيا بكل أنواعها !
وادمان الكحول له عدة مراحل وأخطر هذه المراحل لما يصبح تناوله مرتبطا بالهروب من حالات نفسية معينة مثل الحزن والغضب او محاولة ايجاد بديل لحالة نفسية متردية ولشيء غير موجود في الواقع وهذه الحلول ليست سوى عملية هروب وضعف ولم تكن أبدا حلا عمليا فعالا ، وتبقى المرحلة الأخطر لما يصبح المدمن غير قادر على تذكر الأفعال التي قام بها في حالة السكر أو لما يفقد السيطرة على افعاله وغرائزه .
ونفس الشيء بالنسبة للمخدرات التي تستعمل لتغيير الحالة الذهنية والنفسية للمتعاطي , فالرغبة في عيش تجارب أخرى ومحاولة معرفة تأثيرات المخدرات على العقل والجسد يدفع بالبعض للتجربة لكن للأسف تأثير المخدرات قوي جدا لدرجة ان مجرد تجربتها مرة او مرتين تسقط الانسان في مستنقع الادمان ومن بين أنواع المخدرات نجد الحشيش ( مخدر طبيعي ) والكوكايين والهيروين والاكستسي (مخدرات اصطناعية كيميائي ) ومفعول هاته المخدرات مختلف على حسب نوعها او صنفها فمنها ما يهدئ ويريح الاعصاب ومنها ما يثير ويحفز الطاقة والقوة ومنها ما تجعلك تتخيل اشياء غير موجودة ( هلوسة ) ... وتؤخذ المخدرات عن طريق السجائر أو الشم أو الحقن, وتناول جرعات أكثر من اللازم يؤدي الى الموت الفجئي وفي حالة الحقن قد يصاب المتعاطي بالعدوى ( كالايدز ) ان كانت غير معقمة .ولأن تأثير المخدرات قوي جدا فالتخلص من الادمان يكون غاية في الصعوبة والأخطر من هذا كله هي فقدان المتعاطي لمقومات الانسانية والقيم وفقدان سلطة العقل والاخلاق مما ينجر عنه ارتكاب جرائم خطيرة .

مظاهر أخرى من الادمان

الادمان لا ينحصر في تناول الكحول والمخدرات والسجائر بل يشمل القمار والجنس والبورنو واستعمال الكمبيوتر والانترنات وهنا سأتحدث قليلا عن عواقب الادمان على الكمبيوتر , فكما نعلم فالادمان هو تبعية فيزيائية ونفسية وفقدان مصدر الادمان يؤدي للعديد من المشاكل خاصة اذا فقد او قل وجوده ومن أهم الاعراض نذكر الغثيان . آلام الظهر والعين , ضعف التركيز , قلة النوم او تقطعه , اهمال الذات والأسرة والانعزال عن العالم الخارجي والعيش في عالم خيالي وافتراضي بحت علاقته بالواقع تكاد تكون معدومة وهذه الأعراض الخطيرة تظهر على مدمني الانترنات والمنتديات الذين تجدهم يرابطون ويعسكرون ليل نهار فيها ويحرمون أنفسهم من من التواجد في عالم الواقع بل يتعدى الأمر ليصل الى الاكتئاب والعدوانية والتوحش والتقوقع الشديد حول الذات ( أتحدث هنا عن المدمنين والذين لا يفارقون أجهزتهم أبدا )

كيف نتجنب السقوط في الادمان أو ما هي الحلول للتخلص منه

كي لا نقع فريسة للادمان مهما كان نوعه علينا ان نتحكم في مشاعرنا ونسيطر عليها وأن نتوقع الأخطار التي تنجر عنها فالاغراءات عديدة وشهوات النفس لا حدود لها ولا بد من كابح لها كما ينبغي ان يكون تفكيرنا وقائيا فتبتعد عن اي ممارسة مفرطة او سلوك خاطئ فيه تبعية وانسياق فالوقاية في هذه الحالات تبقى افضل من العلاج الذي قد لا يجدي نفعا في بعض الأحيان وليكن مبدأ الواقع لدينا متغلبا على مبدأ اللذة حتى نسترشد طريق الهداية ونبتعد عن محاذير الأخطار والآثام ويبقى الانسان مع ذلك ضعيفا ووهنا اذا لم يجد من يأخذ بيده وينصحه ويحذره من مغبة الاتيان بأي صنيع فيه ضرر دائم للجسد والعقل ..
ولمن سقطوا في هوة الادمان عليهم أن يكونوا أقوياء ويتحلوا بالصبر والعزيمة حتى يتخلصوا ويبرؤوا مما أصابهم وأول خطوة هي العلاج الذاتي ثم يتبعه العلاج الاكلينيكي ( الذهاب لمراكز العلاج من الادمان ) والعلاج النفساني المكثف عبر الجلسات العلاجية الدورية والاستمرار وعدم الانقطاع عن العلاج لأن أكبر خطر هو الرجوع للادمان وهو أشبه بمن رمى نفسه في سكة القطار السريع .
ولا بد من العزيمة والاصرار والتحدي والارادة القهارة للتغلب على أشرس خطر يواجه الانسان ألا وهو خطر الادمان !

أنتظر تعاليقكم المميزة على المقالة

دمتم في عون الله وحفظه

موضوع مهم للنقاش ..بارك الله فيك و ابعد الله عنكم هده الافة Cool

أما أنا فمدمن غلى الأشياء التالية
الصلاة
الدراسة
منتدى لقاء العرب
شكرا على الموضوع القيم

زنو انا قل Shocked

ت لك ناقش واعطي الحلول للمدمنين عافهم الله