ليست الدنيا كما نراها دائما سوداوية، فيها كل المآسي، والخير قل فيها، ولم يعد هناك من يعطي شيئا بدون مقابل، فالواقع أعطى لنا مثالا حيا لا مثيل له عن عطاء لأمتنا وهي تضحية كبيرة كادت أن تودي بحياة صاحبتها التي تحدت الموت وهزمته وأنقذت معها روحا أخرى.
فعلا صدق من قال "مازالت الدنيا بخير" مادامت لا تنفك تعطينا دروسا في الحياة وعبرا لا مثيل لها، مثلما قامت به "الفتاة المحبة للخير" التي كل من عرفها وسمع قصتها إلا وإصابته حالة من الإعجاب والذهول، فقد خاطرت بحياتها لأجل إنقاذ حياة رجل لا تربطها به سوى قرابة عائلية فهو ابن عمها، كان يسارع الموت بسبب فشل كلوي لازمه وكاد أن يوصله إلى حافة الموت المؤكد، ولم يسعفه الحظ ليجد متبرعا له، لكن الأخت صنعت المفاجأة دون أي تردد وقبل الجميع وحتى أنها منعت والدته من التبرع لكبر سنها وخوفا عليها أن تتدهور صحتها أكثر، تدخلت وسمت الموقف دون أن تفكر أبدا، وقالت"خذوا كليتي" الجميع تفاجأ وأصابه ذهول كبير لم يستطع احد أن ينبس ببنت شفة، حتى أن من كانت ستتبرع له طالبها بإعادة النظر في قرارها، يتذكر "المريض" تلك اللحظة التي نطقت بها بذلك الموقف الشجاع، حيث انه في حينها اختلطت المشاعر لديه مابين الفرحة بالنجاة والخوف عليها، يقول"تعجبت لتضحيتها ونصحتها بإعادة التفكير، لكنها لم ترد علي إلا
بـ:"لا تخف سنعيش" ذلك الإصرار والعناد اللذان ملأ عينيها كانا السبب الرئيسي وراء نجاح العملية التي أنقذت حياته، وجعلتها محل احترام وتقدير جميع من عرفها، والغريب في الأمر أنها بعد كل هذا لا تحب أن تسمع كلمة شكر أو ثناء، حيث تقول دائما وابتسامة خجولة تعلوها من كل نظرات التقدير التي تمنح لها
"عادي ألي درتو" والأكثر من ذلك أنها سئمت المعاملة التي أصبحت تخص بها، خاصة من قبل من تبرعت له "كنا من قبل لا توجد حواجز بيننا، أما الآن فهو يعاملني بتبجيل كبير، أنا لا أريده ولا انتظر شيئا بالمقابل.
ما أعظم هذه المرأة التي حتى كلمة شكر أو ثناء استحقتها بجدارة رفضتها. هل تصدقون أن مثلها قليلات، لكن عظيمات بكرمهن وأفعالهن وعطائهن اللامحدود، حتى نحن لم نجد الكلمات لشكرها أمام ما قامت به، فأي كلمة لا توافيها حقها، لكنها تبقى قصتها جديرة بالنشر والشكر لأخذ العبر، وتبقينا على أن لا نقطع الأمل من الناس.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لن ينقطع الخير عن امتي الى يوم القيامة"