تعرف جيداً كم أنا
متقلبة المزاج، قلت لي مرة إنه لو كانت هناك مسابقة في سرعة تغير المزاج، لضربت
الرقم القياسي والأنكى من ذلك أن تقلبي المزاجي هذا يحدث، برأيك، دونما
سبب
ولعلمك، وأنت تعلم،
لكنك بارع في تسطيح الأمور، أو لنقل تيسيرها فأنت من أنصار نظرية "سهّل يا مسهّل"،
لا شيء يصير هكذا بدون سبب. لكننا فقط نتعاضى عنه أو نتجاهله، أو تتعذر علينا
معرفته فنعتبره غير موجود
وبعيداً عن غزّة
وما يجري فيها، بعيداً عن التقارير الإخبارية التي أنام وأصحو عليها، فالمذياع ما
زال فوق رأسي، وما زلت لم أغير عادتي،
وبصرف النظر عن أنك، ورغم أنك كنت قريباً جداً مني، لم تسمع نشيجي مساء أمس فقد
كان صوت الرصاص ونواح النسوة في التقرير الذي نقلته البي بي سي أكثر إيلاماً مما لو
رأيته صوتاً وصورة
ورغم أنني لا أعلم
إن كنت حقاً حزينةً على غزة، أم أنني فقط أتظاهر بالحزن أم أن الحزن بات فعلاً
عادياً وبالتالي فإن الحزن أصبح كالتظاهر به، كناية عن نفاق ويأسٍ واستسلام
عاجز
إذاً فبعيداً عن
غزة التي يخسر فيها البشر أحباءهم وبيوتهم وأشياءهم وقصصهم في غمضة عين، التي
علمتني درساً آخر عن الموت وعبثية الحياة- ذلك أن غزة لم تعد تعلّم أحداً دروساً في
الصمود والشهادة، فهي تصمد وتستشهد وحدها، ولا أحد يأبه، فقط نتعلم كيف نغمض أعيننا
ونصم آذاننا ونواصل غيبوبتنا
إذا، ولذلك كله..
وقد تتساءل، ما علاقة هذا بذلك؟ لا يهم
فإنني، وعطفاً على
البوست
السابق، قررت أن أهديك أنا دبلتين، وأحفر عليهما اسمينا، حيث أننا كنا مستعجلين
جداً للبس الدبلتين حين ذهبنا في ذلك اليوم البعيد لشرائهما من سوق الذهب في برج
حمود، فلم نتحمل الانتظار حتى يحفر الجواهري عليهما اسمينا وتاريخ ارتباطنا الرسمي
وهرولنا لنركن السيارة على ذلك الجسر المطل على نهر بيروت الجاف، ليُلبِس كلّ منا
الآخر محبسه..وأسمينا الجسر يومها، جسر حبنا. وصرنا نبتسم بصمت في كل مرة نمر فيها
فوقه
وأنا ما زلت أحبك،
لكن بطريقة مختلفة، لها مواسم وفصول، شيء يشبه أطوار القمر، أو المد والجزر
وأنا كذبت حين قلت
إنك خياري الوحيد، فيوماً ما، كان أمامي أكثر من خيار، أهونها صعب، إلاّ أنني
اخترتك أنت، رغم كل شيء ورغم الأنصال الكثيرة التي كانت مغرزوة في قلبي وفي
روحي
مجنونة أنا؟ أم
أنني فقط أشهد الآن مواسم مدّ ستنتهي ذات يوم، وربما قريباً جدا
لنفرض
ذلك
لكن، ألم أقل لك إن
غزّة ذكرتني بأن الموت حين يجيء يصبح بعده تصحيح الخطأ والاعتذار
مستحيلاً؟
وأنا لا أريد أن
أندم كثيراً
ن الرحيم 
الأحد يناير 18, 2009 9:47 pm
